اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 231
ويظهروهم على الأنبياء بأنواع التغرير والتلبيس وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ايمانهم ما فَعَلُوهُ اى هذا الغرور يعنى ما قالوا هذا القول الزور المزخرف المموه وبالجملة فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ اى اتركهم مع كفرهم وفريتهم على الله بما لا يليق بشأنه وزخرفتهم وتلبيسهم فيه
وَما ذلك الغرور والزخرفة الا لِتَصْغى تميل وتركن إِلَيْهِ اى الى غرورهم وافترائهم وتتوجه نحوه أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ اى ليرضي كل منهم أنفسهم عما يزخرفون به لذلك الغرض الفاسد لكون جبلتهم عليه وَلِيَقْتَرِفُوا ويكتسبوا بسببه ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ مكتسبون من العقائد الرائغة المورثة لهم اصناف الآثام المثمرة إياهم انواع العذاب والآلام قل لهم يا أكمل الرسل ان أرادوا ان يتحاكموا ويتصالحوا معك بعد ما ظهر لك ولاح عندك تلبيسهم وتغريرهم إنكارا عليهم وتقريعا
أَفَغَيْرَ اللَّهِ المستقل بالحكم المبرم والتصرف المحكم أَبْتَغِي واطلب حَكَماً وحاكما عادلا يفصل بيني وبينكم ايها المعاندون المكابرون وَالحال انه سبحانه هُوَ العليم الحكيم الَّذِي قد أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ اى القرآن الفرقان مُفَصَّلًا مبينا واضحا مستغنيا عن التحاكم والترافع مطلقا وَبالجملة المكابرون المعاندون الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ اى علمه ان أنصفوا في أنفسهم ولم يعاندوا يَعْلَمُونَ يقينا بشهادة كتبهم أَنَّهُ اى القرآن مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ السوى بلا ميل وانحراف الى الباطل أصلا فَلا تَكُونَنَّ أنت يا أكمل الرسل مِنَ الْمُمْتَرِينَ الشاكين المترددين في انهم عالمون بحقية القرآن وموافقته لكتبهم الا انهم يكابرون في تحريف كتبهم ويعاندون بادعاء تكذيب القرآن ظلما وزورا
وَبالجملة تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ اى قد انتهت وتناهت وبلغت الغاية القصوى ببيان كلمة التوحيد برسالتك يا أكمل الرسل اى قد ظهرت أنت في تبيينها وكشفها بما لم يظهر به احد من الأنبياء إذ الأنبياء انما ظهروا بتوحيد الصفات والأفعال دون توحيد الذات وأنت قد ظهرت به ولهذا ورد في شأنك من يطع الرسول فقد أطاع الله وان الذين يبايعونك انما يبايعون الله وقلت أنت بمقتضى وجدك ووجدانك وكشفك وشهودك من رآني فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل بي وايضا قلت رأيت ربي في ليلة المعراج وغير ذلك من الآثار والاخبار الدالة على التوحيد الذاتي لذلك قلت أوتيت جوامع الكلم وبعثت لأتمم مكارم الأخلاق صِدْقاً وَعَدْلًا بلا كذب وعدم مطابقة في الاخبار والمواعيد وبلا ميل وانحراف في الاقصية والاحكام ومتى تمت كلمة ربك كذلك وبلغت غايتها فاعلم يا أكمل الرسل انه لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ سبحانه هذه ولا محول لها أصلا لذلك قد ختم ببعثتك ورسالتك امر النبوة والرسالة وسد باب الوحى والنزول وصرت أنت خاتم النبيين وختم المرسلين وَحينئذ ظهر انه سبحانه هُوَ السَّمِيعُ بعموم أقواله الْعَلِيمُ بجميع شئونه وتجلياته الى ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله
وَمتى تحققت يا أكمل الرسل بمرتبة الكشف والشهود وتمكنت في المقام المحمود إِنْ تُطِعْ وتتفق أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ من اهل البدع والأهواء يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ المتوحد بالذات والصفات والأسماء إِنْ يَتَّبِعُونَ يعنى هم من غاية انهماكهم في الغفلة عن الله ما يتبعون ويتفقون إِلَّا الظَّنَّ الفاسد والوهم المزخرف الكاسد ولا شك ان الظن لا يغنى من الحق شيأ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ اى ما هم في ظنونهم وجهالاتهم الكاذبة واوهامهم الباطلة وخيالاتهم العاطلة سيما في الاعتقادات والاحكام الدينية الا انهم يخلطون ويزورون ويلبسون على أنفسهم واتباعهم حسدا وعنادا
وبالجملة إِنَّ رَبَّكَ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 231